الموسوعة القرآنيّة - ج ٣

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٣

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

هذا على إطلاقه لئلا يؤدى إلى دروس العلم ، وشىء أحكمته القدماء لا تترك مراعاته لجهل الجاهلين.

وقال البيهقى : من كتب مصحفا فينبغى أن يحافظ على الهجاء التى كتبوا بها تلك المصاحف ، ولا يخالفهم فيها ، ولا يغير مما كتبوه شيئا.

ويقال : اتباع حروف المصاحف كالسنن القائمة التى لا يجوز لأحد أن يتعداها.

وسئل مالك رحمه‌الله تعالى : أرأيت من استكتب مصحفا اليوم ، أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء؟ فقال : لا أرى ذلك ، ولكن يكتب على الكتبة الأولى. فسأله السائل عن نقط القرآن ، فقال : أما الإمام من المصاحف فلا أرى أن ينقط ، ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها ، وأما المصاحف التى يتعلم فيها الصبيان ، فلا أرى بذلك بأسا.

وقال الإمام أحمد : تحرم مخالفة خط مصحف عثمان فى : واو ، أو ألف ، أو ياء ، أو غير ذلك.

وقال صاحب فتح الرحمن : فما كتبوه فى المصاحف بغير ألف فواجب أن يكتب بغير ألف ، وما كتبوه بألف كذلك ، وما كتبوه متصلا فواجب أن يكون متصلا ، وما كتبوه منفصلا فواجب أن يكتب منفصلا ، وما كتبوه بالتاء فواجب أن يكتب بالتاء ، وما كتبوه بالهاء فواجب أن يكتب بالهاء ، ومن خالف فى شىء من ذلك فقد أثم.

وقال ابن القاضى المغربى : لا يلتفت إلى اعتلال من قال : إن العامة لا تعرف مرسوم المصحف ، ويدخل عليهم الخلل فى قراءتهم فى المصحف إذا كتب على المرسوم العثمانى ، فهذا ليس بشيء ، لأن من لا يعرف المرسوم من الأمة يجب عليه ألا يقرأ فى المصحف

١٠١

حتى يتعلم القراءة على وجهها ويتعلم مرسوم الصحف ، فإن فعل غير ذلك فقد خالف ما اجتمعت عليه الأمة.

والقائلون بالتزام الرسم الأول يرون لذلك حكما خفية ، وأن هذه الأحرف إنما اختلفت حالها زيادة أو نقصا فى الخط بسبب اختلاف أحوال معانى كلماتها.

١ ـ الزائد : وفيه أقسام :

(أ) زيادة الألف ، وهى إما أن تزاد من أول الكلمة أو من آخرها ، أو من وسطها.

١ ـ فمن زيادتها أولا ، وتكون بمعنى زائد بالنسبة إلى ما قبله فى الوجود قوله تعالى : (لَأَذْبَحَنَّهُ) النمل : ٢١ ، و (ولا أوضعوا خلالكم) التوبة : ٤٧ ، فقد زيدت الألف تنبيها على أن المؤخر أشد فى الوجود من المقدم عليه لفظا ، فالذبح أشد من العذاب ، يعنى قوله تعالى فى أول الآية : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) والإيضاح أشد إفسادا من زيادة الخيال ، يعنى قوله تعالى فى أول الآية : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) واختلفت المصاحف فى حرفين ، وهما : (لا لإلى الجحيم) الصافات : ٦٨ ، و (لا لإلى الله تحشرون) آل عمران : ١٥٨.

فمن رأى أن مرجعهم إلى الجحيم أشد من أكل الزقوم وشرب الحميم ، يعنى قوله تعالى : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ...) الصافات : ٦٤ ، و (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) الصافات : ٦٧ ، وأن حشرهم إلى الله أشد عليهم من موتهم أو قتلهم فى الدنيا ، يعنى قوله تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ) ، أثبت الألف ، ومن لم ير ذلك ، لأنه غيب عنا ، فلم يستو القسمان فى العلم بهما ، لم يثبت ، وهو أولى.

٢ ـ ومن زيادتها آخرا ، وهذا يكون باعتبار معنى خارج عن الكلمة

١٠٢

يحصل فى الوجود لزيادتها بعد الواو فى الأفعال ، نحو : (يرجو) ، و (يدعو) ، وذلك لأن الفعل أثقل من الاسم فى الوجود ، والواو أثقل حروف المد ، واللين ، والضمة أثقل الحركات ، والمتحرك أثقل من الساكن ، فزيدت الألف تنبيها على ثقل الجملة ، وإذا زيدت مع الواو التى هى لام الفعل ، فمع الواو التى هى ضمير الفاعلين أولى ، لأن الكلمة جملة ، مثل : (قالوا) و (عصوا) ، إلا أن يكون الفعل مضارعا وفيه النون علامة الرفع ، فتختص الواو بالنون ، التى هى من جهة ثمام الفعل ، إذ هى إعرابه ، فيصير ككلمة واحدة وسطها واو ، كالعيون والسكون ، فإن دخل ناصب أو جازم ، مثل : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) البقرة : ٢٤ ، أثبتت الألف.

٣ ـ ومن زيادتها وسطا ، وهذه تكون لمعنى فى نفس الكلمة ظاهرا ، مثل : (وجايء يومئذ بجهنم) الفجر : ٢٣ ، فقد زيدت الألف دليلا على أن هذا المجيء هو بصفة من الظهور ينفصل بها معهود المجيء ، وقد عبر عنه بالماضى ، ولا يتصور إلا بعلامة من غيره ليس مثله ، فيستوى فى علمنا ملكها وملكوتها فى ذلك المجيء ، هذا بخلاف حال (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) الزمر : ٦٩ ، حيث لم تكتب الألف ، لأنه على المعروف فى الدنيا.

(ب) زيادة الواو :

زيدت للدلالة على ظهور معنى الكلمة فى الوجود ، فى أعظم رتبة فى العيان. وهذا مثل قوله تعالى : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) الأعراف : ١٤٥ ، وقوله تعالى : (سَأُرِيكُمْ آياتِي) الأنبياء : ٣٧ ، وهذا يدل على أن الآيتين جاءتا للتهديد والوعيد.

١٠٣

(ج) زيادة الياء :

زيدت لاختصاص ملكوتى باطن ، وهذا فى تسعة مواضع ، وهى :

١ ـ (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) آل عمران : ١٤٤ ، و (مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) الأنعام : ١٤ ، و (مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) يونس : ١٥ ، و (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) النحل : ٩٠ ، و (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) طه : ١٣٠ ، و (أَفَإِنْ مِتَ) الأنبياء : ٣٤ ، و (مِنْ وَراءِ حِجابٍ) الشورى : ٥١ ، وو السماء بنيناها بأييد الذاريات : ٤٧ وهذه كتبت بياءين فرقا بين «الأيد» الذى هو القوة ، وبين «الأيدى «جمع يد». ولا شك أن القوة التى بنى الله بها السماء هى أحق بالثبوت فى الوجود من «الأيدى» وبأييكم المفتون ن : ٦ ، كتبت بياءين تخصيصا لهم بالصفة ، لحصول ذلك وتحققه فى الوجود ، فإنهم هم المفتونون دونه ، فانفصل حرف (أى) بياءين لصحة هذا الفرق بينه وبينهم قطعا ، لكنه باطن ، فهو ملكوتى.

٢ ـ الناقص ، وهو ما ينقص عن اللفظ ، وهو أقسام :

(ا) نقص الألف. فكل ألف فى كلمة لمعنى له تفصيل فى الوجود ، له اعتباران. اعتبار : من جهة ملكوتية ، أو صفات حالية أو أمور علوية ؛ مما لا يدركه الحس ، فإن الألف تحذف فى الخط علامة لذلك ، واعتبار من جهة ملكية حقيقية فى العلم ، أو أمور سفلية ، فإن الألف تثبت ، وأعتبر هذا فى لفظىّ : القرآن ، والكتاب ، فإن القرآن هو تفصيل الآيات التى أحكمت فى الكتاب ، فالقرآن أدنى إلينا فى الفهم من الكتاب ، وأظهر فى التنزيل ، ولذلك تثبت فى الخط ألف القرآن ، وحذفت ألف الكتاب.

(ب) نقص الواو

وهذا اكتفاء بالضمة قصدا للتخفيف ، فإذا اجتمع واوان والضم ، فتحذف الواو التى ليست عمدة وتبقى العمدة ، سواء كانت الكلمة فعلا ، مثل :

١٠٤

(لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) الإسراء : ٧ ، أو صفة مثل : (الْمَوْؤُدَةُ) التكوير : ٨ ، أو اسما مثل : (داود) إلا أن ينوى كل واحد منهما فتثبتان جميعا ، مثل : (تَبَوَّؤُا) الحشر : ٩ ، فإن الواو الأولى تنوب عن حرفين لأجل الإدغام ، فنويت فى الكلمة ، والواو الثانية ضمير الفاعل ، فثبتا جميعا.

٣ ـ نقص الياء اكتفاء بالكسرة ، وهذا ضربان :

(ا) ضرب محذوف فى الخط ثابت فى التلاوة.

(ب) ضرب محذوف فيهما.

ويلحق بهذا الباب أشياء ، منها :

١ ـ كتابة الألف واوا على سبيل التفخيم ، فى نحو (الصّلوة) و (الزّكواة).

٢ ـ مد التاء وقبضها ، وذلك لأن هذه الأسماء لما لازمت الفعل صار لها اعتباران :

(ا) أحدهما من حيث هى أسماء وصفات ، وهذه تقبض فيها التاء.

(ب) والثانى من حيث أن يكون مقتضاها فعلا أو أثرا ظاهرا فى الوجود ، وهذه تمد فيها التاء ، كما تمد فى : قالت ، وحفت.

٣ ـ الفصل والوصل :

(ا) فالموصول فى الوجود توصل كلماته فى الخط ، كما توصل حروف الكلمة الواحدة.

(ب) والمفصول معنى فى الوجود يفصل فى الخط ، كما تفصل كلمة عن كلمة ، مثل (إنما) بالكسر ، فهى موصولة كلها إلا فى موضع واحد ، وهو قوله تعالى : (إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ) الأنعام : ١٣٤ ، لأن حرف «ما» هنا وقع على مفصل ، فمنه خير موعود به لأهل الخير ، ومنه شر موعود به

١٠٥

لأهل الشيء فمعنى «ماء» مفصول فى الوجود والعلم.

وكذلك وصلوا (الم) و (المر) و (الر) لأنه ليس هجاء لاسم معروف ، وإنما هى حروف اجتمعت يراد بكل حرف فيها معنى.

وقطعوا (حم عسق) ولم يقطعوا (كهيعص) ، لأن (حم) قد جرت فى أوائل سبع سور فصارت اسما للسورة فقطعت مما قبلها ، أو جوزوا فى (ق والقرآن) و (ص القرآن) وجهين ، من جزمهما فهما حرفان ومن كسر آخرهما فعلى أنه أمر كتب على لفظهما.

٤ ـ الحروف المتقاربة : تختلف لفظا باختلاف المعنى ، مثل قوله تعالى : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) البقرة : ٢٤٧ ، وقوله تعالى : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ) الرعد : ٢٦ ، وقوله تعالى : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) البقرة : ٢٤٥ ، فبالسين السعة الجزئية ، كذلك علة التقييد ، وبالصاد السعة الكلية ، بدليل علو معنى الإطلاق ، وعلو الصاد مع الجهارة ، والإطباق.

هذا مجمل ما قيل على ألسنة الملتزمين للرسم العثمانى. وإليك مجمل ما يقوله غيرهم ، وهم من المحدثين ، فهم يقولون :

١ ـ قد كتب المصحف فى العصر الأول بالهجاء ، الذى تعارفوه والرسم الذى ألفوه ، وذلك غاية جهدهم ومبلغ علمهم.

٢ ـ وإن الإملاء مهما تطور رسمه وتعددت مناحيه فإنه لا يغير نطقا ولا يحرف معنى.

٣ ـ وإن رسم المصحف إنما كان باصطلاح من الصحابة ، ولهذا تجوز مخالفته.

٤ ـ وأن ما جاء من وجوب رسم المصحف إنما كان فى الصدر الأول والعلم غض ، وأما الآن فقد يخشى الالتباس.

١٠٦

٥ ـ وهم يتخذون من قول مالك الذى سقناه قبل فى المصاحف التى يتعلم فيها الصبيان حجة لهم.

٦ ـ وكذلك يتخذون حجة لهم ثانية من قول العز بن عبد السلام : لا تجوز كتابة المصحف على الرسوم الأولى ، لئلا يوقع فى تغيير من الجهال.

٧ ـ ويجعلون من تنقيط المصاحف وما زيد عليها مما لم يكن فيها من علامات وإشارات حجة لهم ثانية.

٨ ـ مستندين فى ذلك إلى ما جاء عن ابن عمر وقتادة وإبراهيم وهشام وابن سيرين ، من كراهة نقط المصاحف.

ومجمل ما يجاب به على المخالفين غير ما ذكر قبلا :

١ ـ إن المرسوم القديم أحد الأركان التى عليها مدار للقراءة.

٢ ـ ثم إن فيه دلالة على الأصل فى الشكل والحروف ، وذلك كمثل كتابة الحركات حروفا باعتبار أصلها.

٣ ـ ثم هو نص على بعض اللغات الفصيحة ، وذلك ككتابة هاء التأنيث تاء مجرورة على لغة طيء ، وكحذف ياء المضارع بغير جازم على لغة هذيل ، وهذا فى قوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) هود : ١٠٥.

٤ ـ ثم من اللفظ المرسوم برسم واحد تأخذ القراءات المختلفة ، وهذا نحو قوله تعالى : (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) البقرة : ٩ ، فلو كتبت يخادعون لفاتت قراءة يخدعون ، ونحو قوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) الأنعام : ١١٥ ، فلو كتبت «كلمة» بألف على قراءة الجمع لفاتت قراءة الإفراد.

* * *

٥١ ـ الخطاب :

١ ـ الخطاب بالشىء عن اعتقاد المخاطب دون ما فى نفس الأمر ، كقوله

١٠٧

تعالى : (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) الأنعام : ٢٢ ، وقعت إضافة الشريك إلى الله سبحانه على ما كانوا يقولون.

٢ ـ التأدب فى الخطاب بإضافة الخير إلى الله ، وأن الكل بيده ، كقوله تعالى :

(أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) الفاتحة : ٧ ، ثم قال تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) الفاتحة : ٧ ، ولم يقل : غير الذين غضبت عليهم.

٣ ـ الفرق بين الخطاب بالاسم والفعل ، فالفعل يدل على التجدد والحدوث ، والاسم على الاستقرار والثبوت ، ولا يحسن وضع أحدهما موضع الآخر ، فمنه قوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) الكهف : ١٨ ، ولو قيل : يبسط ، لم يؤد الغرض ، لأنه لم يؤذن بمزاولة الكلب البسط ، وأنه يتجدد له شىء بعد شىء ، فباسط أشعر بثبوت الصفة.

والخطاب على وجوه :

١ ـ خطاب العام المراد به العموم ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) المجادلة : ٧.

٢ ـ خطاب الخاص والمراد به الخصوص ، نحو قوله تعالى : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) آل عمران : ١٠٦.

٣ ـ خطاب الخاص والمراد به العموم ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) الطلاق : ١.

٤ ـ خطاب العام والمراد الخصوص ، نحو قوله تعالى : (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) العنكبوت : ١٤.

وأنكره بعضهم لأن الدلالة الموجهة للخصوص بمنزلة الاستثناء المتصل بالجملة ، والصحيح أنه واقع.

٥ ـ خطاب الجنس ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) ، فإن المراد جنس لا كل فرد ، ومعلوم أن غير المكلف لم يدخل تحت هذا الخطاب.

١٠٨

٦ ـ خطاب النوع ، نحو قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) البقرة : ٤٠ ، والمراد : بنو يعقوب.

٧ ـ خطاب العين ، نحو قوله تعالى : (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) البقرة : ٣٥.

٨ ـ خطاب المدح ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).

٩ ـ خطاب الذم ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) التحريم : ٧.

١٠ ـ خطاب الكرامة ، نحو قوله تعالى : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) الأعراف : ١٩.

١١ ـ خطاب الإهانة نحو قوله تعالى لإبليس : (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) الحجر : ٣٤ ، ٣٥.

١٢ ـ خطاب التهكم ، وهو الاستهزاء بالمخاطب ، نحو قوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) الدخان : ٥٠.

١٣ ـ خطاب الجمع بلفظ الواحد ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ) الانشقاق : ٦.

١٤ ـ خطاب الواحد بلفظ الجمع ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً) المؤمنون : ٥١.

١٥ ـ خطاب الواحد بلفظ الاثنين ، نحو قوله تعالى : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) ق : ٢٤ ، والمراد : مالك ، خازن النار.

١٦ ـ خطاب الاثنين بلفظ الواحد ، نحو قوله تعالى : (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) طه : ٤٩ ، أى ويا هارون.

١٧ ـ خطاب الجمع بعد الواحد ، نحو قوله تعالى : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ

١٠٩

وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا ...) يونس : ٦١ ، فجمع ثالثها ، والخطاب للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

١٨ ـ خطاب عين والمراد غيره ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) الأحزاب : ١ ، الخطاب له والمراد المؤمنون ، لأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان تقيّا.

١٩ ـ خطاب الاعتبار ، نحو قوله تعالى حاكيا عن صالح لما هلك قومه : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) الأعراف : ٧٩ ، خاطبهم بعد هلاكهم ، إما لأنهم يسمعون ذلك ، كما فعل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأهل بدر ، وقال : ما أنتم بأسمع منهم. وإما للاعتبار كقوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا) العنكبوت : ٢٠.

٢٠ ـ خطاب الشخص ثم العدول إلى غيره ، نحو قوله تعالى : (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) : هود ١٤ ، الخطاب للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال تعالى للكفار : (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) هود : ١٤ ، بدليل قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) هود : ١٤.

٢١ ـ خطاب التلوين ، أو المتلون ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) الطلاق : ١ ، ويسميه أهل المعانى الالتفات.

٢٢ ـ خطاب الجمادات خطاب من يعقل ، نحو قوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) فصلت : ١٤ ، تقديره : طائعة.

٢٣ ـ خطاب التهييج ، نحو قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) المائدة : ٢٣ ، فهذا لا يدل على أن من لم يتوكل ينتفى عنه الإيمان ، بل حث لهم على التوكل.

٢٤ ـ خطاب الإغضاب ، نحو قوله تعالى : (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) الكهف : ٥٠.

١١٠

٢٥ ـ خطاب التشجيع والتحريض ، وهو الحث على الاتصاف بالصفات الجميلة ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) الصف : ٤.

٢٦ ـ خطاب التنفير ، نحو قوله تعالى : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) الحجرات : ١٥ ، فقد جمعت هذه الآية أوصافا وتصويرا لما يناله المغتاب من عرض من يغتابه على أفظع وجه.

٢٧ ـ خطاب التحنن والاستعطاف ، نحو قوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) الزمر : ٥٣.

٢٨ ـ خطاب التحبيب ، نحو قوله تعالى : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ) مريم : ٤٢.

٢٩ ـ خطاب التعجين ، نحو قوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) البقرة : ٢٣.

٣٠ ـ خطاب التحسير والتلهف ، نحو قوله تعالى : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) آل عمران : ١١٩.

٣١ ـ خطاب التكذيب ، نحو قوله تعالى : (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ) الأنعام : ١٥٠.

٣٢ ـ خطاب ، التشريف ، نحو قوله تعالى : (قُلْ آمَنَّا) آل عمران : ٨٤ ، وهو تشريف منه ، سبحانه ، لهذه الأمة ، بأن يخاطبها بغير واسطة لتفوز بشرف المخاطبة.

٣٣ ـ خطاب المعدوم ، ويصح ذلك تبعا لموجود ، نحو قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ) الأعراف : ٢٦ ، فإنه خطاب لأهل ذلك الزمان ولكل من بعدهم.

* * *

١١١

٥٢ ـ خواتم السور :

مثل الفواتح فى الحسن : لأنها آخر ما يقرع الأسماع ، فلهذا جاءت متضمنة المعانى البديعة مع إيذان السامع بإنهاء الكلام حتى يرتفع من تشوف النفس إلى ما يذكر بعد ، من ذلك :

١ ـ الوصايا التى ختمت بها سورة آل عمران ، وذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الآية :

٢٠٠ ، من الصبر على تكاليف الدين ، والمصابرة لأعداء الله فى الجهاد ومعاقبتهم ، والصبر على شدائد الحرب ، والمرابطة فى الغزو المحضوض عليها بقوله تعالى : (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) الأنفال : ٦٠ ، والتقوى الموعود عليها بالتوفيق فى المضايق وسهولة الرزق فى قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق : ٢ ، ٣ ، وبالفلاح ، لأن «لعل» من الله واجبة.

٢ ـ وكالوصايا والفرائض التى ختمت بها سورة النساء ، وذلك قوله تعالى :

(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ...) الآية :

١٧٦. فقد حسن الختم بها لأنها آخر ما نزل من الأحكام عام حجة الوداع.

٣ ـ وكالتبجيل والتعظيم الذي ختمت به المائدة : (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الآية : ١٢٠ ، فلإرادة المبالغة فى التعظيم اختيرت «ما» على «من» لإفادة العموم ، فيتناول الأجناس كلها.

٤ ـ وكالوعد والوعيد الذى ختمت به سورة الأنعام بقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) الآية : ١٦٥ ، ولذلك أورد على وجه المبالغة فى وصف العقاب بالسرعة وتوكيد الرحمة بالكلام المفيد لتحقيق الوقوع.

٥ ـ وكالتحريض على العبادة بوصف حال الملائكة الذى ختمت به سورة الأعراف ، وذلك قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ

١١٢

وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) الآية : ٢٠٦ ، والحض على الجهاد وصلة أرحام الذى ختمت به سورة الأنفال ، وذلك قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الآية : ٧٥.

٦ ـ ووصف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومدحه والاعتداد على الأمم به وتسليمه ووصيته والتهليل الذى ختمت به سورة براءة ، وذلك قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) الآية : ١٢٩.

٧ ـ وتسليته عليه الصلاة والسلام التى ختمت بها سورة يونس ، وذلك قوله تعالى : (وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) الآية : ١٠٩ ، ومثلها خاتمة سورة هود ، وذلك قوله تعالى : (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) الآية : ١٢٣.

٨ ـ ووصف القرآن ومدحه الذى ختمت به سورة يوسف ، وذلك قوله تعالى : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الآية : ١١١.

٩ ـ والرد على من كذب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذى ختمت به سورة الرعد ، وذلك قوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) الآية : ٤٣.

١٠ ـ ومدح القرآن وذكر فائدته والعلة فى أنه إله واحد ، وهو الذى ختمت به سورة إبراهيم ، وذلك كقوله تعالى : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ ...) الآية : ٥٢.

١١ ـ وتحضيض الرسول على البلاغ ، والإقرار بالتنزيل ، والأمر بالتوحيد ، وهو الذى ختمت به سورة الكهف ، وذلك وقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ

(ـ ٨ ـ الموسوعة القرآنية ـ ٨ ج ٣)

١١٣

مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ...) الآية : ١١٠.

(٥٣) ـ رسم المصحف : (ظ : انظر الخط).

٥٤ ـ الزيادة :

إما أن تكون :

(ا) لتأكيد النفى ، كالباء فى خبر «ليس» و «ما».

(ب) لتأكيد الإيجاب ، كاللام الداخلة على المبتدأ.

وحروف الزيادة سبعة : إن ، أن ، لا ، ما ، من ، الباء ، بمعنى أنها تأتى فى بعض الموارد زائدة ، لا أنها لازمة للزيادة.

١ ـ إن ، الخفيفة ، وتطرد زيادتها مع ما النافية ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) الأحقاف : ٢٦ ، فجمعوا بينها وبين ما النافية تأكيدا النفى ، فهو بمنزلة تكرار ما ، وكأنه إنما عدل عن «ما» لئلا تتكرر فيثقل اللفظ ، وهو عند الفراء ، من التأكيد اللفظى ، وعند سيبويه من التأكيد المعنوى.

٢ ـ أن ، المفتوحة ، وتزاد بعد لما الظرفية ، كقوله تعالى : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) العنكبوت : ٣٣ ، وإنما حكموا بزيادتها ، لأن «لما» ظرف زمان ومعناها وجود الشيء لوجود غيره ، وظروف الزمان غير المتمكنة لا يضاف إلى المفرد ، و «أن المفتوحة» تجعل الفعل بعدها فى تأويل المفرد ، فلم تبق «لما» مضافة إلى الجمل ، فلذلك حكموا بزيادتها.

٣ ـ ما وتزاد بعد خمس كلمات من حروف الجر ، : من ، عن ، (غير كافة لهما عن العمل). الكاف ، رب ، الباء (كافة وغير كافة).

١١٤

والكافة إما أن تكف :

(ا) عن عمل النصب والرفع ، وهى المتصلة بإن وأخواتها ، نحو قوله تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) النساء : ١٧١.

(ب) عن عمل الجر ، كقوله تعالى : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) الأعراف : ١٢٨ : وغير الكافة تقع :

(ا) بعد الجازم ، نحو قوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) الأعراف : ٢٠٠.

(ب) بعد الخافض حرفا كان أو اسما ، فمن الأول قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) آل عمران : ١٥٩. وقيل : إنها زائدة هنا لتقوية الكلام.

ومن الثانى قوله تعالى : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) القصص : ٢٨.

(ج) بعد أداة الشرط ، جازمة كانت أو غير جازمة ، فمن الأول قوله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) النساء : ٧٨ ، ومن الثانى قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ) البقرة : ٨٨.

(د) بين المتبوع وتابعه ، نحو قوله تعالى : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) البقرة : ٢٦ ، فهى منا حرف زائد للتوكيد.

٤ ـ لا ، وتزاد :

(ا) مع الواو بعد النفى ، كقوله تعالى : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) فصلت : ٣٤ ، لأن «تستوى» من الأفعال التى تطلب اسمين ، أى لا تليق بفاعل واحد.

(ب) بعد «أن» المصدرية ، كقوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) الحديد : ٩ ، فزيدت «لا» لتوكيد النفى.

١١٥

(ج) قبل القسم ، نحو : قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) المعارج : ١٤٠ ، أى : أقسم بثبوتها.

٥ ـ من ، وتزاد فى الكلام الوارد بعد نفى أو شبهة ، نحو قوله تعالى : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) الأنعام : ٥٩.

٦ ـ الباء ، وتزاد فى :

(ا) فاعل كفى ، نحو : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) يونس : ٢٩ ، وقد دخلت لتضمن «كفى» معنى «اكتفى».

(ب) فى المفعول : نحو قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة : ١٩٥ ، لأن الفعل يتعدى بنفسه.

(ج) فى المبتدأ ، وهو قليل ، نحو قوله تعالى : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) ق : ٦.

(د) فى خبر المبتدأ ، نحو قوله تعالى : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) يونس : ٢٧.

(ه) فى خبر ليس ، كقوله تعالى : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) القيامة : ٤٠.

٧ ـ اللام ، وتزاد :

(ا) معترضة بين الفعل ومفعوله ، كقوله تعالى : (رَدِفَ لَكُمْ) النمل : ٧٢ ، والأكثرون على أنه ضمن «ردف» معنى «اقترب».

(ب) لتقوية العامل الضعيف ، إما :

١ ـ لتأخره ، نحو قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) يوسف : ٤٣ ٢ ـ لكونه فرعا فى العمل ، نحو قوله تعالى : (مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) البقرة : ٩١ (ج) للتوكيد بعد النفى ، وتسمى لام الجحود ، نحو قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) الأنفال : ٣٣.

(د) مؤكدة فى موضع وتحذف فى آخر ، لاقتضاء المقام ذلك ، كقوله تعالى :

١١٦

(ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) المؤمنون : ١٥ ، ١٦. فإنه سبحانه أكد إثبات الموت الذى لا ريب فيه تأكيدين ، وأكد إثبات البعث الذى أنكروه تأكيدا واحدا ، ولما كانت اللام تخلص المضارع للحال لم تجيء مع يوم القيامة لأنه مستقبل ، وجاءت مع «تبعثون» لأن «تبعثون» عامل فى الظرف المستقبل.

* * *

(٥٥) السورة :

وينتظم هذا الباب ثلاثة أضرب :

١ ـ أسماء السور. ٢ ـ ترتيبها ٣ ـ تقسيمها

١ ـ أسماء السور :

كما كانت الآيات بفواصلها وبترتيبها توقيفا كذلك كانت الحال فى السور فى جمعها وفى أسمائها ، فكلاهما ـ أعنى اسم السورة وما تنتظمه من آيات ـ توقيف.

وقد يكون للسورة اسم واحد ، وعليه الكثرة من سور القرآن. وقد يكون لها اسمان فأكثر ، من ذلك مثلا :

١ ـ الفاتحة ، فهى تسمى أيضا : أم الكتاب ، والسبع المثانى ، والحمد ، والواقية ، والشافية.

٢ ـ النمل ، فهى تسمى أيضا : سورة سليمان.

٣ ـ السجدة ، فهى تسمى أيضا : سورة المضاجع.

٤ ـ فاطر ، فهى تسمى أيضا : سورة الملائكة.

٥ ـ الزمر ، فهى تسمى أيضا : سورة الغرف.

٦ ـ غافر ، فهى تسمى أيضا : سورة المؤمن.

١١٧

٧ ـ الجاثية ، فهى تسمى أيضا : سورة الدهر.

٨ ـ محمد ، فهى تسمى أيضا : سورة القتال.

٩ ـ الصف ، فهى تسمى أيضا : سورة الحواريين.

١٠ ـ تبارك ، فهى تسمى أيضا : سورة الملك.

١١ ـ عم ، فهى تسمى أيضا : سورة النبأ ، والتساؤل ، والمعصرات.

١٢ ـ لم يكن ، فهى تسمى أيضا : سورة أهل الكتاب ، والبينة ، والقيامة.

٢ ـ ترتيبها :

وأما عن ترتيب السور ، فمن السلف من يقول إنه توقيفى ، ويستدل على ذلك بورود الحواميم مرتبة ولاء ، وكذا الطواسين ، على حين لم ترتب المسبحات ولاء ، بل جاءت مفصولا بين سورها ، وفصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس ، مع أنها أقصر منها ، ولو كان الترتيب اجتهادا لذكرت المسبحات ولاء وأخرت طس عن القصص.

كما يجعلون فيما نقله ، الشهرستانى محمد بن عبد الكريم فى تفسيره «مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار» عند الكلام على قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) : هى السبع الطوال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، ويونس ، دليلا على أن هذا الترتيب كان توقيفيّا.

والذين يقولون إن ترتيب السور اجتهادى يستدلون على ذلك بورود السور مختلفة الترتيب فى المصاحف الأربعة التى أثرت عن أربعة من كبار الصحابة ، على بن أبى طالب ، وأبىّ بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله ، ابن عباس.

أما عن مصحف «على» فيعزى إليه أنه رأى من الناس طيرة عند وفاة النبى

١١٨

صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأقسم ألا يضع عن ظهره رداءه حتى يجمع القرآن ، فجلس فى بيته حتى جمع القرآن ، فكان أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه.

ويروى ابن النديم فى كتابه «الفهرست» أن هذا المصحف كان عند أهل جعفر ، ويقول : «ورأيت أنا فى زماننا عند أبى يعلى حمزة الحسنى رحمه‌الله مصحفا قد سقطت منه أوراق بخط على بن أبى طالب ، يتوارثه ، بنو حسن على مر الزمان ، وهذا ترتيب السور من ذلك المصحف».

غير أن كتاب «الفهرست» فى طبعتيه الأوربية والمصرية يسقط منه ما بعد هذا ، فلا يورد ترتيب السور الذى أشار إليه.

ونجد اليعقوبى أحمد بن أبى يعقوب ، وهو من رجال القرآن الثالث الهجرى ، يطالعنا بما سقط من الفهرست فى الجزء الثانى من تاريخه (١٥٢ ـ ١٥٤) طبعة «بريل» سنة ١٨٨٣ م ، فيقول ، قبل أن يسوق الترتيب ـ : وروى بعضهم أن على ابن أبى طالب عليه‌السلام كان جمعه ـ يعنى القرآن ـ لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأتى به يحمله على جمل ، فقال : هذا القرآن جمعته ، وكان قد جزأه سبعة أجزاء : جزء البقرة ، جزء آل عمران ، جزء النساء. جزء المائدة ، جزء الأنعام ، جزء الأعراف ، جزء الأنفال ، وذلك باعتبار أول كل جزء.

ويروى غير واحد أن مصحف «على» كان على ترتيب النزول ، وتقديم المنسوخ على الناسخ.

وأما عن مصحف «أبى» فيقول ابن النديم : قال الفضل بن شاذان : أخبرنا الثقة من أصحابنا قال : كان تأليف السور فى قراءة أبى بن كعب بالبصرة فى قرية يقال لها : قرية الأنصار ، على رأس فرسخين ، عند محمد بن عبد الملك الأنصارى ، أخرج إلينا مصحفا وقال : هو مصحف «أبىّ» ، رويناه عن آبائنا. فنظرت فيه

١١٩

فاستخرجت أوائل السور وخواتيم السور وعدد الآى ، ثم مضى يذكر السور مرتبة كما جاءت فى هذا المصحف.

وأما عن مصحف عبد الله بن مسعود فينقل ابن النديم عن الفضل بن شاذان أيضا فيقول : قال : وجدت فى مصحف عبد الله بن مسعود تأليف سور القرآن على هذا الترتيب. ثم يسوق ابن النديم هذا الترتيب.

ثم يقول ابن النديم : قال ابن شاذان : قال ابن سيرين : وكان عبد الله بن مسعود لا يكتب المعوذتين فى مصحفه ولا فاتحة الكتاب.

ثم يقول ابن النديم : رأيت عدة مصاحف ذكر نساخها أنها مصحف ابن مسعود ، ليس فيها مصحفان متفقان ، وأكثرها فى رق كثير النسخ. وقد رأيت مصحفا قد كتب منذ نحو مائتى سنة فيه فاتحة الكتاب.

وأما عن مصحف عبد الله بن عباس (٦٨ ه‍) وكان رأس المفسرين ، فقد ذكر الشهرستانى محمد بن عبد الكريم (٥٤٨ ه‍) سوره مرتبة فى مقدمة تفسيره «مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار».

٣ ـ تقسيمها :

ويقسمون سور القرآن الكريم أربعة أقسام :

١ ـ الطول ، جمع : طولى ، وهى : سبع ، وهى : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، ويونس.

٢ ـ المئون ، وهى ما ولى السبع الطول ، سميت بذلك لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها.

٣ ـ المثانى ، وهى ما ولى المئين ، وقد تسمى سور القرآن كلها مثانى ، ومنه قوله تعالى : (كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) الزمر : ٢٣ ، وإنما سمى القرآن مثانى لأن الأنباء والقصص تثنى فيه.

* * *

١٢٠